أيقونة العملات

العملات

الدولار اليوم
اليورو اليوم
أيقونة الطقس

الطقس

أيقونة الإشعارات

اشعارات

تقارير بوست

المؤسسة الأميركية ترحل عن القطاع مخلفة آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين

6 ديسمبر 2025 - بقلم: محمد الجمل

بعد 5 أشهر من العمل في قطاع غزة، توقفت ما يُسمى مؤسسة غزة الإنسانية"(GHF) ، عن العمل، قبل أن تفكك مواقعها الثلاثة من القطاع، وتغادر، مع الإعلان عن توقف عملها بشكل رسمي.

لكن المؤسسة المذكورة غادرت بعد أن أثخنت جرح غزة بدلاً من مداواته، وتسببت في ارتكاب أكبر مجزرة بحق المجموعين استمرت على مدار أشهر. 

وتشير البيانات إلى أن 464 شهيداً منهم سقطوا في مركز توزيع "نتساريم"، و645 شهيدا في مركزي توزيع رفح وخان يونس، وجميعها تابعة للمؤسسة المذكورة. 

ضحاياها يئنون

وخلفت المؤسسة المذكورة التي عملت نحو 5 أشهر، مئات الشهداء وآلاف الجرحى، جلهم من المُجوعين، ممن كانوا يقصدونها بهدف الحصول على الطعام، في ظل المجاعة التي فرضتها إسرائيل في تلك الفترة.

كما أسهمت المؤسسة المذكورة في توزيع طعام فاسد، حيث كشف مختصون وجود فطر "الأفلاتوكسين-B1"، على عدة أصناف من المساعدات الغذائية التي يجري تسليمها في مؤسسة المساعدات الأميركية في قطاع غزة، خاصة البقوليات، والبصل والبطاطا، وهو فطر سام وخطير، يُسبب السرطان، ما يعني أنها قد تكون زرعت المرض المؤجل في أجساد سكان القطاع.

المواطن حازم شقفة، أحد ضحايا المؤسسة المذكورة، أكد أنه مازال يعاني من آثار الإصابة في قدمه، ويتحسر على شقيقه الذي استشهد بعد استهدافهما بقذيفة داخل مركز المساعدات الأميركية في شهر آب الماضي.

وأوضح شقفة أن المجاعة وحاجة العائلة للطعام دفعتهما مكرهين للتوجه للمؤسسة في حينه، لكنهما وجدا الموت ينتظرهما، والرصاص كان ينطلق ناحيتهما دون رحمة، مشيراً إلىً أنه لا تمر ساعة دون أن يستذكروا شققيه، ويتحسروا عليه، حيث فقد حياته من أجل أن يؤمن لعائلته الطعام.

وأكد أن المؤسسة المذكورة كانت مكاناً للموت، يسقط داخلها الشهداء والجرحى دون مبرر، وكأنهم أهداف يتدرب جنود الاحتلال على اصابتها من بعيد.

بينما قال المواطن محمود الكرد إن نجله أصيب برصاصة متفجرة داخل المؤسسة الأمريكية تسببت ببتر ساقه، وهو الآن قعيد في البيت يعاني آثار نفسية وجسدية قاسية وصعبة، ويرفض تقبل واقعه الجديد.

وبين أن ابنه الذي كان يعتمد عليه في توفير احتياجات الأسرة، وتوجه للمؤسسة من أجل جلب الطعام، أصبح الآن بحاجة لمن يلبي احتياجاته، والعائلة كلها تعاني بسبب اصابته، والآن عليهم أن يتعاملوا مع وضع صعب وقاسي.

وأوضح أن المؤسسة الأميركية رحلت، لكنها خلفت في آلاف البيوت المآسي والحزن، ذاك فقد ابنه، وهذا فقد ساقة، وثالث أضحى مشلول بسبب رصاصة أصابته داخل مراكزها، والمحصلة أنها مؤسسة لم تجلب لغزة وأهلها سوى الموت والخراب.

بينما مازال جسد المواطن عبد الله أبو شاويش يحمل أوجاعاً على إثر إصابته بطلق ناري في قدمه أطلقه عليه قناص أثناء محاولته الحصول على الطعام من مركز توزيع المساعدات الأميركية، الذي أقامته المؤسسة في منطقة "نتساريم" وسط القطاع، ويعاني من سقوط في قدمه ويحتاج إلى علاج في الخارج، وتحتفظ ذاكرته بمشاهد مؤلمة كثيرة لضحايا قتلوا أمام عينيه.

مفقودون

نشرت شبكة CNN الأمريكية تحقيقًا مطولًا حول مصير مجهول لاقاه عدد من طالبي المساعدات على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي إبان اشتداد أزمة المجاعة في قطاع غزة قبل أشهر قليلة.

أحد أولئك المفقودين كان عمار وادي الذي كان يعلم أنه يخاطر بحياته عندما انطلق للحصول على كيس دقيق لعائلته من شاحنة مساعدات بالقرب من معبر زيكيم شمال غزة في يونيو الماضي.

ففي رسالة نصية أرسلها لوالدته كتب وادي: "سامحيني يا أمي إن أصابني مكروه (..) من يجد هاتفي، أرجو أن يخبر عائلتي أنني أحبهم كثيرًا".

وكشف تحقيق CNN الآن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي جرف جثامين بعض الشهداء قرب الحاجز وطُمرت في قبور مجهولة.

وفي أحيان أخرى، تُركت رفاتهم لتتحلل في العراء، حيث تعذر انتشالها في المنطقة العسكرية.

ويقول خبراء قانونيون إن ممارسة سوء التعامل مع الجثث عن طريق دفنها في قبور مجهولة تشكل انتهاكا للقانون الدولي.

واستندت مراجعة شبكة CNN، التي وجدت أيضًا أن طالبي المساعدة استشهدوا بنيران جيش الاحتلال بالقرب من المعبر، إلى مئات مقاطع الفيديو والصور من حول زيكيم، إلى جانب مقابلات مع شهود عيان وسائقي شاحنات المساعدات المحلية.

كما تُظهر صور الأقمار الصناعية أيضًا أعمال تجريف طوال الصيف في المناطق التي قُتل فيها طالبو المساعدات.

مؤسسة ارتكبت جرائم

وعلق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة على خبر انهاء عمل المؤسسة المذكورة قائلا: "مؤسسة غزة الإنسانية كانت غطاء إنسانياً زائفاً وحولت مراكزها لمصائد موت وقتل جماعي".

وأكد المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة أن الاحتلال حوّل مراكز توزيع المساعدات التابعة للمنظومة الأميركية-الإسرائيلية إلى مصائد للموت والقتل الجماعي، وارتكاب جرائم منظمة تحت غطاء "مراكز إنسانية"، بينما هي عمليا مواقع استدراج وإعدام ميداني للمدنيين.

وأكد أن انتهاء عمل المؤسسة ودورها لا يعفيها من المسؤوليات القانونية، فقد كانت سبباً في قتل وجرح واختفاء آلاف الضحايا المدنيين، ويجب أن تحاسب على ذلك.

وشدد على أن هذه الانتهاكات تشكّل جرائم حرب مكتملة الأركان وجزءا من سياسة الإبادة الجماعية عبر التجويع التي ينفذها الاحتلال بحق سكان القطاع، وتتحمّل سلطات الاحتلال والجهات الأميركية الداعمة المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر.

من جهته قال محمد الخيري، منسق أعمال مركز غزة لحقوق الإنسان، إنهم تابعوا بقلق بالغ الدور الخطير الذي قامت به هذه المؤسسة، وما رافق عملها من ممارسات أثبتت الانحياز الواضح والتسييس الفاضح للمساعدات الإنسانية، وتحويل الإغاثة إلى أداة للضغط والتحكم بالسكان المدنيين في ظل الحصار والعدوان والمجاعة.

بينما أكد ناشطون أن هذه المؤسسة "دخلت غزة باسم الإغاثة، وغادرتها متهمة بأنها كانت أشد قسوة من القذائف" بعدما تركت خلفها "آلاف الشهداء وصورا لا تُمحى من الذاكرة" معتبرين أن ما حدث "ليس نهاية القصة، بل بداية مرحلة عنوانها المحاسبة وكشف الحقائق".